الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة لنتجنّب الأخطاء، حتّى لا نعود سنــوات أخـرى إلـى الــوراء!

نشر في  05 مارس 2014  (15:58)

 يواجه المنتخب الوطني التونسي عشية اليوم المنتخب الكولومبي أو منتخب الكافيتيروس los Cafeteros أي صنّاع القهوة كما يكنّونه. هذا المنتخب الذي يضم في صفوفه العديد من العناصر البارزة الذين يلعبون في أقوى البطولات الأوروبية، تمكن من الوصول إلى نهائيات كأس العالم بالبرازيل وهو يحرص على أن تكون مشاركته متميّزة هذه المرة باعتبار أن أفضل نتيجة حققتها في مشاركتها الأربع في نهائيات كأس العالم كانت الوصول إلى الدور السادس عشر في مونديال 1990. وقد سبق لمنتخب صناع القهوة أن حقق نتائج كبيرة وساحقة ضدّ منتخبات عريقة على غرار فوزه الكبير والتاريخي على الأرجنتين بنتيجة 0-5 في بيونس آيرس في 5 سبتمبر 1993, وفوزه أيضاً بنفس النتيجة 5-0 على منتخب الأوروغواي يوم 6 جوان 2004، وعلى البيرو 5-0 سنة 2005. كما سبق لمنتخب كولومبيا الفوز بكأس بطولة كوبا أمريكا سنة 2001 عندما فاز بهدف لصفر على المكسيك من جملة 18 مشاركة في هذه المسابقة. هذه اللمحة التاريخية الخاطفة عن المنتخب الكولومبي ستعطي دون شك أهمية للمباراة الودية التي ستجمعنا معه اليوم في مدينة برشلونة الإسبانية معقل فريق النجوم وإحدى أكبر العواصم الرياضية العالمية. ورغم المشاكل التي تعيشها كرتنا وفشل نسورنا في العبور إلى البرازيل وتردي مستوى البطولة، فإن مثل هذه المواجهات - حتى وإن كانت ودية - تعتبر مناسبة لتجديد العهد مع الكرة العالمية ونسيان هموم بطولتنا والعنف الذي تشهدها ملاعبنا، كما تعتبر فرصة للاعبين لاستعادة الثقة بأنفسهم بعد أن وصلت إلى أدنى مستوياتها إثر موقعة الكامرون الشهيرة. لذلك نرجو أن يقع التعامل مع هذه المواجهة وغيرها من المواجهات الودية القادمة بالجدية المطلوبة وبالحماس والرغبة في البروز والفوز وتقديم أفضل المردود حتى ننسى خيباتنا ونتجاوز - ولو إلى حين - هناتنا وسلبياتنا ومشاكلنا. فالمنتخب أحببنا أم كرهنا يبقى مرآة البلاد الحقيقية من الناحية الرياضية وسفيرها فوق العادة في الخارج، وبالتالي نكون في قمة السعادة عندما يعود إلى الحياة وينهض من جديد، لأنه الأصل ولأنه منتخب كل التونسيين على اختلاف انتماءاتهم وألوانهم، ومن ثمّة وانطلاقا من الأهمية التي يحظى بها في قلوب التونسيين وجب على كل الأطراف المشرفة على تسييره أن تنكب على ملفّه وتعطيه الأولوية القصوى في البرمجة والتخطيط والتمويل حتى يعود إلى «الحياة» بأكثر قوة وفي أقرب وقت ممكن وبشكل أقوى من ذي قبل بما يؤهله لإستعادة مكانه الطبيعي كواحد من أبرز منتخبات القارة السمراء. ولاشك أن ملف اختيار المدرب يبقى من الأولويات العاجلة على مكتب الجامعة التونسية لكرة القدم المطالبة بحسم هذا الملف دون السقوط في التسرّع الذي سيُؤدي بنا حتما إلى الوقوع في الأخطاء من جديد. إن التعامل مع ملف المنتخب يجب ألاّ يخرج عن إطار مصلحة هذا الأخير والأهداف المرسومة التي نرنو إلى تحقيقها، بمعنى آخر، يجب أن نغلّب المنطق والمصلحة العامة على المصالح والصداقات والعلاقات عند اختيار المدرب الجديد. لقد تابعت تفاصيل ما جاء في الندوة الصحفية التي عقدها مؤخراً رئيس الجامعة ولاحظت ارتفاع عدد المرشحين لتدريب منتخب تونس والمطالب المجحفة التي صدرت عن وجوه تدريبية عالمية بارزة أمثال غوليت الذي طالب براتب شهري في حدود 330 ألف دينار، ونجم الكرة الفرنسية السابق جون تيغانا الذي اشترط أكثر من 5 مليارات سنويا وتراباتوني الذي طالب بـ 3 مليارات، كما ضمت القائمة حسبما أكده وديع الجريء آلان جيراس الذي رفضت الجامعة السينيغالية تسريحه وإيلي بوب، وهرفي رينار وبول بوت وجاك سانتيني وجان تيسان وجورج لوكنز وآلان بيران ومارسال دوسايي ولوثار ماتيوس وريتش ستيلكي وطبعا روجي لومار الذي كان على رأس قائمة المرشحين لولا تشبث النجم بخدماته. بالإضافة إلى هذا الفيلق الكبير من المدربين الأجانب ضمّت القائمة مجموعة من التونسيين على غرار سامي الطرابلسي والمنذر كبير وماهر الكنزاري، وباتت الجامعة في حيرة من أمرها لتحديد الأفضل والأنسب لتحمل هذه المسؤولية. وأعتقد أن عملية الحسم تتوقف أساسا على الإمكانيات المالية المتوفرة لدفع أجرة الإطار الفني وعلى المجموعة المتوفرة لدينا من اللاعبين وعلى إمكانات وظروف العمل والأهداف المرسومة التي ننوي تحقيقها وتجسيمها، لأن إستقدام مدرب أجنبي مشهور - وعلى أهميته - لا يمكن أن يضمن لنا النجاح، ولئن كانت هناك أسماء بارزة نتمنى رُؤيتها على رأس المنتخب فإن العائق المالي سيحول دون انتدابها، بالتوازي مع ذلك نعتقد أن منح المسؤولية لمدرب تونسي إذا ما تجسم على أرض الواقع سيكون حتما لأسباب ودواعٍ مالية بحتة أكثر منها فنية، وهو ما سيجعلنا نقتنع بأن الجامعة استعملت شعار «ما يلزّك على المرّ كان إلّي أمرّ منّو» وربما ينطبق عليها المثل القائل «على قدر الغطاء أمدّ رجلي»، أي أن اختيار مدرب تونسي ستفرضه الميزانية التي ستخصص لجراية المدرب وليس للأسباب الفنية، وفي كلتا الحالتين لن يكون لدينا المدرب المناسب للوقت المناسب وللمهمة المناسبة، وهو ما يهدّد الإختيار بالفشل والإنهيار، لذلك لا بد من التفكير مليّا وعدم التسرّع حتى لا نكرّر الأخطاء نفسها ونعود - لاقدّر الله- سنوات أخرى إلى الوراء

بقلم: عادل بوهلال